وبعد خروج السعودية من صفقة البترودولار، يتساءل المرء ما الذي دفع إلى هذه الخطوة بعد كل هذا الوقت الطويل. ومن قبيل الصدفة، فإن هذا الخروج يتماشى مع عضوية المملكة العربية السعودية الجديدة في البريكس. ماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل الدولار الأمريكي؟
عرضت صفقة البترودولار، التي وضعها الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون ووزير الخارجية هنري كيسنجر، على المملكة العربية السعودية أسلحة عسكرية وحماية مقابل الحق الحصري في تسعير النفط بالدولار الأمريكي. يتطلب هذا الترتيب من الدول الراغبة في تجارة النفط الحصول على الدولار الأمريكي، مما يساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على هيمنتها الاقتصادية والحفاظ على الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية لأكثر من 75 عامًا.
وأعلنت السعودية هذا الأسبوع أنها لن تجدد هذا العقد، مما يعكس اتجاها أوسع حيث تبتعد الدول عن استخدام الدولار في التجارة الدولية والمعاملات النفطية.
ويهدف تحالف البريكس - الذي يضم في البداية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - إلى توحيد البلدان النامية لتحدي القوة السياسية والاقتصادية للدول الأكثر ثراء. في 1 يناير 2024، تمت دعوة مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للانضمام إلى مجموعة البريكس. وعلى الرغم من التردد الأولي، حضرت المملكة العربية السعودية قمة 2024، مما يشير إلى تحول محتمل نحو الانضمام إلى البريكس.
لقد أوضحت مجموعة البريكس في السنوات الأخيرة أنها تخطط للانتقال ببطء بعيدًا عن الدولار عندما يتعلق الأمر بالتجارة الدولية. فقد وقعت الهند على سبيل المثال اتفاقية تجارية مع الإمارات العربية المتحدة لتوقيع صفقة (النفط والغاز) بالروبية بدلاً من الدولار. كما وقعت المملكة العربية السعودية أيضًا اتفاقًا مع الصين لتسعير بعض مبيعات النفط السعودية باليوان الصيني بدلاً من الدولار أو اليورو.
وبذلك أصبحت السعودية المسمار الأخير في نعش الدولار الأمريكي. إن قطع الولايات المتحدة عن صفقة البترودولار سيكون بمثابة تجريد الولايات المتحدة من أقوى وارداتها - عملتها. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض كبير في قيمة الدولار، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملات الأجنبية وأسواق العملات الدولية.
السعودية إذن هي الورقة الرابحة لدول البريكس.
هل هذا يعني هلاك للاقتصاد الأمريكي؟ ليس بالضرورة. الدولار لا يزال قويا بسبب:
1. *القوة الاقتصادية*: تتمتع الولايات المتحدة باقتصاد قوي، مما يشجع على الاستمرار في استخدام الدولار كعملة احتياطية.
2. *الثقة في المؤسسات*: إن استقرار وموثوقية الحوكمة والأطر القانونية الأمريكية يحافظ على ثقة المستثمرين.
3. *القصور الذاتي وتأثيرات الشبكة*: الاستخدام الراسخ للدولار في التجارة العالمية يجعل التحول إلى عملة أخرى أمرًا صعبًا ومكلفًا، مما يعزز هيمنته.
يثير خروج المملكة العربية السعودية من صفقة البترودولار والتوافق المحتمل مع مجموعة البريكس تساؤلات حول مستقبل الدولار الأمريكي. وفي حين يمكننا التكهن، فإن الدوافع الدقيقة وراء قرار المملكة العربية السعودية تظل مفتوحة للتفسير. ما الذي دفع المملكة العربية السعودية إلى ترك هذه الصفقة التي تبدو خالية من العيوب، وما الذي سيكسبونه؟